فتتح اليهود يوم الإثنين 15 / 3 ما يعرف لديهم بكنيس ( الخراب ) وهو الكنيس الذي يعتبر اليهود إعادة بنائه - وفقا لتصوراتهم- مؤشراً على قرب بناء هيكلهم المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى .
وبحسب الأساطير اليهودية التى يؤمنون بها فإن بناء كنيس الخراب يقربهم مما يسمونه بخلاص اليهود حيث تتحدث هذه الجماعات الصهيونية عن
"نبوءة" مفادها أن حاخاما إسرائيليا عاش في العام 1750م، كتب يومها متنبئا
- كما يزعمون- بأن يوم البدء في بناء الهيكل الثالث المزعوم هو اليوم الذي
يلي إعادة افتتاح كنيس الخراب.
لكن الملاحظ أن ما حدث يأتى فى ظل جملة من الأحداث المتتالية و التى كانت السبب فى هذا التبجح الإسرائيلى المتصاعد ، منها :
أولا : الدعم الأمريكى و الأوربى غير المحدود للحكومة الصهيونية ، حتى عندما يوجد حدث يستدعى الإدانة ، لا تجد منهما إلا التعبير عن ( الانزعاج ، القلق ، الضيق ) و غيرها من المرادفات التى هى للاستهلاك المحلي و العالمي ليس إلا ، بل إن مضمونها يغري بالمزيد من الممارسات الصهيونية على الأرض .
ثانيا : الانبطاح العربي الواضح و الذي ظهر عقب قرار اللجنة الوزارية العربية و الذي وافقوا فيه على دخول
السلطة الفلسطينية في مفاوضات غير مباشرة مع العدو الإسرائيلى ، مما اعتبر
ضوءا أخضر للكيان الصهيوني، لزيادة حجم الإجرام المرتكب في حق القضية
الفلسطينية.
ثالثا : يأتي افتتاح كنيسة الخراب بعد ضم إسرائيل للحرم الإبراهيمى لهيئة الآثار الصهيونية و
فى هذا أبلغ دلالة على أن ما يحدث من الجماعات الصهيونية المتطرفة هو
بالتنسيق مع الحكومة الصهيونية و بإيعاز منها ، كما أن توقيت ضم الحرم
الإبراهيمي قبيل افتتاح الكنيسة اليهودية يوضح مدى الخبث و الدهاء
الشيطانى لليهود ، فهم أرادوا شغلنا عن الحرم الإبراهيمى بحيث ننسى ما حدث
معه ، و يتركز اهتمامنا بما يحدث للمسجد الأقصى نظرا لعظم شأنه عند المسلمين ، طبقا للنظرية التى تقول إذا أردت أن تشغل
رابعا : من دهاء اليهود ما يتم الآن فى باحات المسجد الأقصى من اعتداءات متتالية و لكنها محسوبة بدقة ، بحيث يكون هدفها هو خلق حالة من ( التعود ) لدى المواطن العربى و المسلم ، بحيث يعتاد هذه الاعتداءات مع مرور الوقت و من ثم يفقد اهتمامه بها.
هذا ما تراهن عليه إسرائيل فى المرحلة القادمة من خلق حالة اعتيادية فى التعامل مع القدس و المسجد الأقصى ، بحيث يتبعه فقد اهتمام من قبل المسلمين ، لنفاجأ ذات صباح على خبر هدم المسجد الأقصى ،
هذا ما يسعى الصهاينة إليه ، و قد استخدمت هذه الإستراتيجية – التعود -
بنجاح بارع فى عدة أقطار إسلامية للأسف الشديد ، فما يحدث فى العراق و
أفغانستان من مذابح يومية أصبحت هى الأخرى ( اعتيادية ) لا تحرك ساكنا لدى
أحد ، و تثتثير نخوة إنسان حر .
خامسا : من الملاحظ أيضا أن ما حدث لم يستفز احدا من الشعوب العربية ،
اللهم إلا الحركات الإسلامية و تحديدا جماعة الإخوان المسلمين التى خرجت
فى تظاهرات فى عدة دول عربية للتنديد بما يحدث و نتج عن ذلك اعتقال المئات
من كوادر و قيادات الجماعة غالبيتهم من مصر و الباقى من
الأردن ، و هذا بدوره يطرح تساؤلا غاية فى الخطورة ، أين البقية الكاسحة
من شعوب الأمة من هذا الحدث الجلل ؟!! ، الذى يستدعى أقصى درجات الاستنفار
.
أدرك
أن شعوبنا العربية و الإسلامية تعاني أيما معاناة من الظلم و الطغيان و
الاستبداد الجاثم على الصدور و الذى يمنعهم فى كثير من الأحيان من حق التظاهر السلمى ، لكن من قال أيضا أن الحقوق تسترد بلا تضحيات و بذل الغالى و النفيس فى سبيله ، ( فلن يكون لدينا ما نحيا من أجله...إن لم نكن على استعداد أن نموت من أجله... ) كما يقول"سيد قطب" .
سادسا : عندما قرأت هذه التسمية كنيسة ( الخراب ) تذكرت قوله تعالى ((
يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ
فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ)) ، رغم أنها فى فلسطين ليست بيوتهم ، لكنها بشرى أن ما يفعلونه الآن فى فلسطين و القدس سوف يكون خرابا عليهم بإذن الله ، الله يخرب بيوتهم .
موضوع: كنيسة الخراب 
السبت سبتمبر 04, 2010 4:45 am