مهد الرسالات لن يحكمه الفاسدون

الأزمة تشتد والصراع بدأ ينحصر بين من يهمه الوطن وبين من يهمه أعداء الوطن، هناك من تنازل عن مصالحه الشخصية أو الفئوية، ربما لشعوره أن مصلحة الوطن فوق مصالحه وربما كان مضطراً للاختيار بين أخف الضررين، ولكن أصبح لدينا عامل مشترك نلتقي عليه وهو الخروج من المأزق، إلا أن هذا الأمر لا يروق لمن يعمل فقط لمصالحه ولو تحالف مع الشيطان فضلاً عن تحالفه مع "إسرائيل" وأمريكا .

المرحلة الأولى لأهل الضلال والفساد كانت بالتصعيد الإعلامي المكثف على حكومة الوحدة الوطنية حتى وصل الأمر بأحدهم لأن يحذر أبناء فتح من خطر حكومة الوحدة، وبكل وقاحة يأبى أن يكون وزراء فتح تحت إمرة السيد رئيس الوزراء هنية، ومن جانب آخر استمرار البعض بالإعلان عن استمرارهم في الإضراب رغم تطمينات الرئاسة ورئاسة الوزراء، ولو كنا نعلم في أولئك الأشخاص خيراً لسكتنا، ولكننا نعلم أن غالبيتهم منتفعون، وليسوا أصحاب قرار ولا مبادرات، فهم مسيرون لأبعد الحدود من أجل منافع دنيوية تافهة تتنافى مع أنفة وكرامة الحر .

وحين لم تجد المرحلة الأولى نفعاً ومع اقتراب تشكيل حكومة الوحدة الوطنية كانت المرحلة الثانية حيث اتسمت بالخطورة والتخبط، وربما كان التخبط سبباً في خطورتها، وقد بدأت بإصدار بيان باسم فتح ضد من أسموهم المفسدين في فتح ثم تلاها عملية اغتيال العميد التايه وحراسه الشخصيين، وقد سبق تلك العمليات تهديدات هنا وهناك للجنة المركزية لحركة فتح من قبل أشخاص معروفين للشارع الفلسطيني .

والتخبط ملحوظ من خلال البيان الذي حوا أسماء شخصيات كبيرة في فتح وخاصة من أعضاء اللجنة المركزية ولكن البيان استثنى رأس الفساد الذي يموت كل يوم مئة مرة لفقدانه السلطة والظهور الإعلامي المقيت، وكذلك استثنى بعض أعوانه ولكن تم التضحية بالبعض الآخر من أجل إلصاق بعض التهم التي ثبتت عليه، لهذا فمن الواجب على القيادة الفلسطينية الضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه اللعب بمصير هذا الشعب، وعدم إهدار الوقت بتشكيل لجان التحقيق التي أضحت مؤهلة لدخول موسوعة غينيس للأرقام القياسية لكثرتها، وإن ظن البعض أن إعلان تشكيل اللجان مؤشر على الاهتمام بالقضية يكونوا مخطئين لأن إعلانهم أصبح بمثابة إغلاق ملف والاستعداد لآخر.

ونحن لا نطالب بتشكيل لجان ولكننا نطالب أن تمارس الأجهزة الأمنية دورها بسرعة وإتقان وصمت وحين تفلح في حل قضية فنحن بكل سرور سنسمع لها على أن تتعهد بأن يلاقي المجرم جزاءه العادل ولا يخرج بكفالة كما حدث مع الصرصور، فحكومتنا المحاصرة أصبحت الآن وجها لوجه مع المفسدين الأغنياء، فمنهم من يحاول إعادة السيطرة على سلطة فرت من بين يديه، ومنهم من يحاول الإفلات من عقوبات ستفرض عليه إن كان هناك استقرار وعادت الحياة إلى طبيعتها، فلا شك أن تحالف المفسدين قد بدأ ولكن لا أظن أن الفلاح سيحالفهم، لان مهد الرسالات لا يمكن أن تحكمه شراذم المفسدين.