في منتصف القرن الثاني للهجرة زار الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور المدينة المقدسة وأمر بإعادة بناء المسجد الأقصى المبارك، وفي عهد ولده الخليفة المهدي تم إصلاح ما تصدع من جدران المسجد سنة 163 هـ ثم قام الخليفة الفاطمي الظاهر لإعزاز دين الله ببناء أقسام عديدة من المسجد سنة 426هـ/ 1034 (56) . وضيقه من الغرب والشرق بحذف أربعة أروقة من كل جانب والأبواب السبعة التي في شمال المسجد اليوم هي من صنع الظاهر، كما أن جزءاً كبيراً من بناء الأقصى الحالي، قبل التعميرات التي جرت في العصر الحالي، يرجع إلى الظاهر. وعندما احتل الصليبيون القدس غيروا معالم المسجد فاتخذوا جانباً منه كنيساً وجانباً آخر مسكناً لفرسانهم الإسبتارية وأضافوا إليه من الناحية الغربية بناء جعلوه مستودعاً لذخائرهم (57) .
بعد فتح صلاح الدين الأيوبي مدينة القدس في 583هـ/ 1187 أمر بترميم المسجد الأقصى وجاء إليه بالمنبر الذي لم يعمل في الإسلام مثله من حلب وقد – صنع على مدى سنين بأمر نور الدين زنكي خاصة باسم المسجد الأقصى- (58) وهو المنبر الذي أحرقه اليهود في سنة 1969 أثناء الاحتلال الإسرائيلي. وقد أجرى السلاطين المماليك ثم العثمانيون إصلاحات وتعميرات كثيرة في المسجد الأقصى ولكن شكله العام لم يتغير منذ عهد الأيوبيين (59). وفي سنة 1344هـ/ 1925 جرت تعميرات واسعة في المسجد الأقصى استهدفت تدعيم القبة والبناء بصورة عامة. وأخرى بين سنتي 1357هـ/ 1938 و 1363هـ/ 1943م هدم فيها الرواق الشمالي وأعيد بناؤه، والرواق الأوسط الذي كان ما زال قائماً منذ التجديد الفاطمي وأعيد بناؤه (60) .
بعد حريق المسجد الأقصى بدأت الحكومة الأردنية وفي نفس العام 1969 بإعادة إعمار المسجد الأقصى وإزالة آثار الحريق الإسرائيلي (61) .