يشكل دخول داود عليه السلام للقدس بداية تاريخ عهد (القدس) اليهودي. وعلى أساسات معبد ملكي صادق بنى سليمان الحكيم عليه السلام معبده. وهكذا تكرست القدس مدينة مقدسة للقبائل العبرانية بعد أن فرضت نفسها مرجعاً سياسياً ودينياً لهم، وأصبحت بعد السبيّ إلى بابل – سنة 586 ق.م عامل توحيد وآلية من آليات تطوير المعتقد اليهودي وصياغته في صورته الأساس. فقد نظمت أناشيد الشوق إلى القدس وتمت صياغة التلمود البابلي ليحل محل التلمود المقدسي، وجرى خلال هذه الفترة ترديد القسم المعهود (فلتنسني يمني إن نسيتك يا أورشليم) (62) .
ولما تبوأ كورش عرش الفرس، أذن لمن شاء من اليهود بالعودة إلى القدس. فعاد فريق منهم (538م) ليعيدوا بناء الهيكل ويبنوا السور من جديد (63). وجاء تدمير الهيكل الثاني وتشتيت اليهود على يد تيطوس (70م) ليعزز مشاعر الإغتراب والشوق إلى المدينة المقدسة عند اليهود) (64). واحتلت مدينة القدس محلاً رومانسياً في الفكر الصهيوني ليستثير العواطف اليهودية. ولما اعتلى عرش الرومان الإمبراطور هدريان (إدريانوس) أتى على ما تبقى من الهيكل عام 131م، وهدم أورشليم فجعل عاليها سافلها، وبعد مضي أربع سنوات على خرابها أقام على أنقاضها مدينة جديدة أسماها إيليا كابيتولينا. وبعد حين سمح لهم – اليهود – أن يزوروا أطلال الهيكل مرة واحدة فقط في كل سنة (9آب/ أغسطس) (65)