إن الأطماع الصهيونية بالحرم القدسي قديمة قدم الحركة الصهيونية فقد صرح عراب الحركة الصهيونية ثيودرو هرتزل في مدينة بال بسويسرا قائلاً ((إذا حصلنا لحظة يوماً على مدينة القدس وكنت لا أزل حياً وقادراً على القيام بأي شيء فلن أتوانى لحظة عن إزالة كل شيء ليس مقدساً لدى اليهود وسوف أدمر كل الآثار التي مرت عليها قرون)) (73) ، وقد أكد المؤرخ اليهودي الدكتور إسرائيل ألداد عزم الصهاينة على تدمير الحرم القدسي لإنشاء هيكلهم بتصريحه لمجلة (تايم) الأمريكية بقوله ((إن على إسرائيل أن تبني الهيكل في موقعه الأصلي)) وعندما سئل كيف يمكن أن يحصل هذا؟ أجاب: من يعلم، من الممكن أن تحدث هزة أرضية أو أشياء أخرى يمكنها أن تغير كل شيء (74) .
من جهتها سعت سلطات الاحتلال الصهيوني في سبيل تدمير الحرم القدسي وإقامة هيكلهم المزعوم إلى اتخاذ عدة إجراءات هدفت من ورائها إلى بسط نفوذها وتدمير الحرم، وقد بدأت هذه الإجراءات منذ اليوم الأول لاستيلاء الصهاينة المحتلين على الجزء الشرقي من مدينة القدس في 7 حزيران/ يونيو 1967، وفيما يلي أبرز الاعتداءات الصهيونية :
أولاً: الحريق
كانت جريمة إحراق المسجد الأقصى المبارك أول المحاولات البارزة لتدمير هذا المكان المقدس وتخريبه، وقد حدث في 21 آب 1969، أن قام مايكل روهان الأسترالي الجنسية بإشعال النار في المسجد مما أسفر عن حرق منبر صلاح الدين بأكمله والسطح الشرقي الجنوبي للمسجد (75)، وقد بلغت مساحة الجزء المحترق من المسجد 1500 متر مربع من أصل المساحة الإجمالية البالغة 4400 متر مربع أي ثلث مساحة المسجد الأقصى تقريباً، ومما يجدر ذكره أنه في نفس يوم الحريق قطع الإسرائيليون في بلدية القدس الماء عن الحرم الشريف لكي لا يستعمل في إطفاء الحريق. كما أن سيارات الإطفاء الإسرائيلية جاءت بعد أن أخمدت النيران ولم تفعل شيئاً (76) .
ثانياً: المحاولات المتكررة للصلاة في المسجد الأقصى
بدأت المحاولات الصهيونية لاقتحام المسجد الأقصى وساحة الخارجية بحجة الصلاة فيه في 18 آب/ أغسطس 1969 حيث قام فوج من 25 صهيوني بالطواف حول مسجد الصخرة المشرفة وهم يتلون المزامير، والأدعية وبعض فقرات من التوراة، ثم أخذوا ينشدون النشيد الصهيوني "بتار" (77) .
وفي 28 كانون ثاني/ يناير 1976 سمحت القاضية روث أود من المحكمة الإسرائيلية لليهود في الصلاة داخل الحرم القدسي الشريف. وفي 24 شباط/ فبراير 1982 سمحت الشرطة الإسرائيلية لمجموعة من أعضاء الكنيست من حركة (هتحيا) العنصرية بالقيام بجولة في الحرم القدسي بمناسبة ذكرى خراب الهيكل وكانوا يعتزمون تأدية الصلاة لولا منعهم من قبل الحراس المسلمون. كما رفع الوفد البرلماني الإسرائيلي علم (إسرائيل) في ساحات الأقصى وهم يرددون النشيد الوطني الإسرائيلي (78) .
ثالثاً: محاولات نسف المسجد الأقصى
توالت المحاولات الإسرائيلية لنسف المسجد الأقصى والحرم القدسي الشريف ومن أبرزها:
· في أيار/ مايو 1980 عثرت قوات الأمن الإسرائيلية على مخزن للمتفجرات بالقرب من المسجد الأقصى كان قد أعده الإرهابي مائير كهانا وعصباته (79) .
· في 11آذار/ مارس 1983 اكتشف الحراس العرب (46) رجلاً من المستوطنين اليهود يقفون بجوار الحائط الجنوبي للأقصى ويحملون معهم المتفجرات وأدوات الحفر وعندما حاصرهم الحراس أعلموا الشرطة، فألقت القبض عليهم واعتقلتهم ثم أطلقت سراحهم !
· في 30/1/1984 اكتشفت ثلاثة قنابل يدوية من النوع الذي يستخدمه جيش الاحتلال الإسرائيلي أمام باب الأسود، وكانت هذه القنابل مخبأة في إحدى ثمار القرع (80) .
· اكتشف الحراس العرب شحنة متفجرة أسفل بعض الأغصان، وكانت ستنفجر عند وصول المستشار الألماني هوليموت كول لزيارة الحرم الشريف عام 1985 (81) .
رابعاً: الاقتحام المسلح وإطلاق النار على المصلين
في 2 آذار/ مارس 1982 حاولت مجموعة من المتطرفين اليهود من مستوطني كريات أربع مزودة بالأسلحة النارية اقتحام المسجد الأقصى من باب السلسلة بعد أن اشتبكت مع الحراس العرب، كما اقتحم الجندي الإسرائيلي إيلي جثمان في 11 نيسان/ أبريل 1982 المسجد حيث نجح في الوصول إلى قبة الصخرة ودخولها، بعد أن أطلق النار على حرس المسجد وقتل اثنان منهم. وقد أسفرت الاصطدامات التي وقعت بين المسلمين واليهود عن سقوط تسع شهداء و 136 جريحاً فلسطينياً (82) .
وتعد المجزرة التي قامت بها القوات الصهيونية في ساحة الأقصى في 8 أكتوبر 1990 من أبرز الجرائم التي نفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي. فقد أطلق الجنود الصهاينة النار على المصلين في المسجد بعد تصد المصلين لمجموعة أمناء جبل الهيكل المتطرفة عند محاولتهم وضع حجر الأساس للهيكل المزعوم في ساحة الحرم القدسي الشريف وقد أسفرت المجزرة عن استشهاد أكثر من 20 شخصاً وجرح 115 آخرين .