يسعى الصهاينة من وراء استمرار المفاوضات مع الجانب الفلسطيني فاقد الشرعية إلى هدف رئيس وهو استمرار الاستيطان وزيادته بأضعاف ما كان عليه قبل انطلاق المفاوضات لفرض سياسة الأمر الواقع التي يجيدها الجانب الصهيوني بشكل لا نظير له.
فمن المعلوم أن الصهاينة يستفيدون من عامل الوقت قبل موعد تجميد الاستيطان من خلال مضاعفة البناء على الأرض بحجة التجميد الذي لم تلتزم به أي حكومة صهيونية منذ قيام الكيان على أرض فلسطين قبل اثنين وستين عاماً.
وفي ذات السياق ذكر تقرير نشرته صحيفة "هآرتس" على موقعها الالكتروني أن معلومات سرية وصلت إليها من الأجهزة الأمنية الصهيونية تشير إلى أنه تم تنفيذ عمليات بناء بدون تراخيص مناسبة أو خلافا للتراخيص في غالبية المستوطنات في الضفة الغربية، تشمل إقامة مبانٍ وبنى تحتية على أراض فلسطينية خاصة.
هذه المعلومات التي سربتها صحيفة "هآرتس"، أكدها تقرير لحركة "السلام الآن" الصهيونية ونشرها موقع "عرب 48", وأشار التقرير إلى أن البناء الاستيطاني في الضفة الغربية ارتفع العام الماضي بنسبة 60 في المائة مقابل العام الذي سبقه. وبلغ عدد المباني التي شيدت في المستوطنات في العام الماضي 1257 مبنى، بينها 748 مبنى ثابتا، و 509 مباني متنقلة (كرفان).
ويؤكد التقرير أنه بالرغم من إعلان الحكومة مراراً عن وقف البناء الاستيطاني ومصادرة الأراضي، إلا أن الحقائق على الأرض تتناقض مع هذا التعهد، وشهدت المستوطنات عمليات بناء واسعة، إلى جانب مصادرة مساحات شاسعة من الأراضي.
وقال التقرير إن مشاريع البناء الكبيرة تركزت في مستوطنة "موديعين عيليت" (35 مبنى جديدا)، مستوطنة "بيت أرييه" (27)، "معليه شومرون" (19)، "بيتار عيليت" (18)، "ألفي منشيه" (16)، "معليه أدوميم" (13)، "أفرات" (15). وأقيمت أحياء المباني المتنقلة الكبيرة في مستوطنة "عوفرا" (21)، "كريات أرباع" (19)، "شيلا" (12).
وكان من أهم ما أشار إليه تقرير "السلام الآن" أن المستوطنين استغلوا الحرب على غزة، ثم تحركات المبعوث الأمريكي ميتشل وقاموا، بتوسيع المستوطنات والبؤر الاستيطانية بشكل كبير لا يمكن الوقوف على حجمه في الوقت الراهن، وستتضح نتائجه لاحقا, كما قام المستوطنون بشق طرق جديدة تهدف إلى تعميق السيطرة على المناطق المحاذية.
لعل الأرقام والتقارير تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن الصهاينة بحكوماتهم المتعاقبة يجمعون على الاستمرار بالاستيطان دون نية حتى لوقفه, لفرض واقع جديد يقلع أصحاب الأرض ليغرس مكانهم من يؤمن بيهودية الدولة, فهل اعتبر المفاوض الذي يجري وراء السراب.